الحكم الذاتي

صمت الأمم المتحدة بشأن هجمات البوليساريو

يثير صمت الأمم المتحدة بشأن هجمات البوليساريو على بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية (المينورسو) موجة من التساؤلات والقلق في الأوساط الدبلوماسية والمجتمع الدولي. خاصة في ظل تكرار هذه الاعتداءات دون اتخاذ موقف واضح من المنظمة الأممية.

صمت الأمم المتحدة وهجمات البوليساريو

ففي الآونة الأخيرة، تعرضت دوريات تابعة لبعثة المينورسو لهجمات مسلحة من طرف عناصر تابعة لجبهة البوليساريو، في المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني المغربي، وهو ما اعتبرته مصادر مطلعة تطورا خطيرا في مسار النزاع المفتوح منذ عقود.

الملفت في هذا السياق، أن الأمم المتحدة، ممثلة في ناطقها الرسمي ستيفان دوجاريك، لم تصدر أي إدانة أو تأكيد لهذه الهجمات، رغم توجيه سؤال مباشر إليه خلال مؤتمر صحافي عقد مساء أمس. فقد فضل دوجاريك الرد بتصريح مقتضب جاء فيه: “سأتحقق من الأمر، وسأعاود الاتصال بكم”، ما أثار انتقادات واسعة واعتبر استمرارا في صمت الأمم المتحدة بشأن هجمات البوليساريو.

هذا الموقف لم يكن مفاجئا بالكامل، فقد سبق للمنظمة الدولية أن التزمت الصمت في حادثة سابقة تعود إلى مارس 2023،. عندما أقدمت ميليشيات البوليساريو على منع قافلة لوجستية تابعة لقوات حفظ السلام الأممية من العبور شرق الجدار الأمني، رغم أن القافلة كانت مكلفة بإيصال الإمدادات الأساسية إلى قواعد المينورسو المنتشرة في تلك المنطقة العازلة.

عرقلة مهام بعثة المينورسو

وتؤكد مصادر مغربية أن هذه الانتهاكات أصبحت تشكل نمطا متكررا من المضايقات التي تمارسها جبهة البوليساريو ضد بعثة المينورسو، بهدف عرقلة مهامها وممارسة ضغط سياسي على الأمم المتحدة، دون أن تواجه أي تبعات حقيقية. وبحسب مصدر ، فإن هذه الاعتداءات، خصوصا الهجمات التي وقعت في أبريل الماضي، نوقشت بشكل رسمي خلال اجتماع جمع بين منسق البوليساريو مع بعثة المينورسو، وروزماري ديكارلو، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالشؤون السياسية وبناء السلام، وذلك يوم 29 أبريل في نيويورك.

وخلال الاجتماع، طلبت ديكارلو من ممثل الجبهة توضيحات مفصلة حول حادثتين وقعتا في أبريل، حيث تم إطلاق النار بشكل مباشر على دوريات تابعة للمينورسو، إضافة إلى واقعة منع قافلة إمدادات تابعة لقوات القبعات الزرق من الوصول إلى مواقعها المحددة في شرق الجدار الأمني. ورغم هذه النقاشات التي جرت على مستوى عال، لا تزال الأمم المتحدة تلتزم الصمت ولم تصدر أي بيان رسمي يدين هذه الاعتداءات أو يوضح موقفها منها، مما يعمّق الجدل حول مدى حيادية المنظمة في هذا النزاع الإقليمي.

هشاشة الأمن في المنطقة

ويرى متابعون أن استمرار صمت الأمم المتحدة بشأن هجمات البوليساريو قد يضعف من مصداقية البعثة الأممية، ويزيد من هشاشة الأمن في المنطقة، خصوصا في ظل تصعيد الجبهة لخطابها وتحركاتها الميدانية، ما يعرض سلامة عناصر حفظ السلام التابعين للمينورسو للخطر، ويعرقل تنفيذ ولايتها التي تنص على مراقبة وقف إطلاق النار والإبلاغ عن أي خروقات.

وفي الوقت الذي تترقب فيه العواصم المعنية بالنزاع تطورات الملف، يتصاعد الضغط على الأمم المتحدة لإعادة النظر في أسلوب تعاطيها مع هذه التجاوزات. خاصة أن المينورسو تُعتبر من بين أكثر بعثات حفظ السلام حساسية، نظرا لطبيعة النزاع وامتداده الزمني والسياسي. وقد أصبح من الملح أن تقدم المنظمة الدولية على توضيح موقفها بشكل صريح، لا سيما في ظل الأدلة المتزايدة على وجود خروقات تمس مباشرة مهمة البعثة وسلامة أعضائها.

إن صمت الأمم المتحدة بشأن هجمات البوليساريو لا يؤثر فقط على مسار التسوية السياسية في الصحراء، بل قد يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والتوتر في منطقة استراتيجية تشهد اهتماما دوليا متزايدا. ويبقى الرهان اليوم على ضغط الدول المؤثرة داخل مجلس الأمن لإلزام الجبهة الانفصالية باحترام قرارات الشرعية الدولية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تهدد السلم والاستقرار في المنطقة المغاربية برمتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى