
غسل أدمغة الأطفال بتندوف: البوليساريو تجند الصغار
في واحدة من أكثر الممارسات انتهاكا لحقوق الإنسان، تواصل جبهة البوليساريو تنفيذ برنامج ممنهج وخطير يقوم على غسل أدمغة الأطفال داخل مخيمات تندوف. حيث يتم الزج بالصغار في جولات عسكرية وتلقينهم أفكارا عدائية وتحريضية لا علاقة لها بطفولتهم ولا بحقهم في الحياة الآمنة والتعليم السليم. هذه الممارسات، التي تتكرر أمام أنظار العالم، تضع الأطفال في قلب نزاع سياسي معقد، وتُحوّل براءتهم إلى وقود لأطروحات عسكرية بالية لا تزال البوليساريو تعيش على أوهامها منذ عقود.
الأطفال في المتاحف الحربية بدل المدارس: تشويه ممنهج للوعي
في مشهد يختلط فيه الحزن بالغضب، نقل أطفال في أعمار الزهور إلى متحف عسكري وسط الصحراء، في ما تم الترويج له على أنه “رحلة استكشافية”. حسب موقع “فورستاين”.
لكن الواقع كان أبعد ما يكون عن الاكتشاف والمعرفة، بل أقرب إلى زرع الخوف، والارتباك، والتلقين العقائدي. فالأطفال لم يؤخذوا إلى مكتبة أو قاعة للعلوم، بل إلى مكان مليء بالدبابات، والمدافع، والألغام، والصور الدموية، حيث تعرض جثث مقطعة وأشلاء مبتورة في مشهد يتجاوز قدرة حتى الكبار على التحمل.
غسل أدمغة الأطفال في هذا السياق ليس مجرد عملية تربوية منحرفة، بل هو مشروع أيديولوجي مدروس، يهدف إلى زعزعة وعي الطفل منذ نشأته، وربطه بخطاب الكراهية، وتغليفه برسالة انتقامية ضد المغرب، دون أي اعتبار للحقيقة أو للجانب الإنساني أو النفسي للطفل الذي يُفترض أن ينمو في بيئة آمنة، لا أن يتحول إلى متلقي للدعاية الحربية.
خطاب الكراهية والانتماء القسري: كيف تُصنع الأحقاد الصغيرة؟
لم تتوقف زيارة الأطفال عند الجانب البصري الصادم، بل انتقلت إلى ما هو أخطر: الخطاب الموجه والمشحون بالتحريض. فبمجرد أن انتهت الجولة بين الدبابات والصواريخ، بدأ أحد عساكر البوليساريو في مخاطبة الأطفال بطريقة دعائية واضحة، مكرسا فيهم أفكارا مثل “المغرب هو العدو”، و”الانتقام واجب وطني”، و”البوليساريو بحاجة إليكم لتطوير أسلحة ضد طائرات الدرون المغربية”.
هذه الرسائل، التي تزرع بذور الكراهية والعداء، تمثل جوهر عملية غسل أدمغة الأطفال داخل المخيمات. فالطفل الذي يفترض أن يحلم بمستقبل أفضل، يجد نفسه مجبرا على تبني نزاع لا يفهمه، ولا يملك أدوات التحليل له، ويطلب منه أن يعيد إنتاج مأساة سابقة بزخم دموي جديد.
خرق فاضح للاتفاقيات الدولية: صمت مريب وتواطؤ مكشوف
ما تقوم به جبهة البوليساريو لا يُعتبر فقط سلوكا منحرفا، بل هو انتهاك جسيم وواضح للقانون الدولي، وعلى رأسه اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية جنيف، وغيرها من المواثيق التي تجرم تجنيد أو إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بأي شكل من الأشكال. فإذا كان القانون يمنع حتى اللعب بألعاب الحرب، فكيف يسمح بعرض أطفال حقيقيين على مشاهد حقيقية للقتل والدمار، ودفعهم نفسيًا لتبنّي خيار السلاح؟
الأخطر من ذلك، أن هذه الانتهاكات تتم على أرض جزائرية، وتحت رعاية مباشرة من النظام الجزائري، الذي لا يخفي دعمه السياسي واللوجستي للبوليساريو. هذا التواطؤ لا يمكن تجاهله، لأنه يجعل الجزائر طرفا مسؤولا عن استمرار مأساة الأطفال في تندوف، لا مجرد بلد مستضيف.
مسؤولية المجتمع الدولي: متى يتحرك العالم لحماية أطفال تندوف؟
إن استمرار عمليات غسل أدمغة الأطفال في مخيمات تندوف يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي. فهل سيظل الصمت سيد الموقف؟ أم أن الوقت قد حان لتدخل عاجل وفعلي يضع حدًا لهذا التلاعب بمصير الصغار؟ إن هذه الممارسات ليست شأناً داخليا، بل قضية إنسانية تستوجب تدخل الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل الهيئات المهتمة بالطفولة والسلام العالمي.
من غير المقبول أن يبقى العالم مكتوف الأيدي أمام هذه الانتهاكات الصارخة. فالأطفال ليسوا جنودا، ولا مشاريع مقاومين، ولا أدوات في صراعات الكبار. مكانهم الطبيعي هو المدرسة، وليس ساحة التدريب. واجبنا، كعالم متحضر، أن نحمي طفولتهم من الاستغلال والتجنيد، وأن نمنع استنساخ مآسي الماضي على أجساد صغيرة لا تملك إلا أحلامها الهشة.
غسل أدمغة الأطفال جريمة لا تسقط بالتقادم
ما يجري اليوم في مخيمات تندوف هو أكثر من مجرد استغلال سياسي، إنه جريمة منظمة ضد الطفولة. كل مشهد، كل كلمة، كل صورة مفخخة بالكراهية تُلقن للطفل، هي قنبلة مؤجلة ستنفجر مستقبلًا في وجه السلام والتعايش. لذلك، فإن غسل أدمغة الأطفال يجب أن يُدان، ويُفضح، ويُحاسب مرتكبوه دون تأخير، لأن التاريخ لا يرحم المتواطئين في صناعة الحقد من الطفولة.