
إضراب المعلمين في تندوف يكشف اختلالات مالية خطيرة
يتواصل إضراب المعلمين في مخيمات تندوف منذ أكثر من شهرين، احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم، وسط تجاهل تام من قبل وسائل الإعلام التابعة لجبهة البوليساريو. ويعيش المعلمون أوضاعا اجتماعية مأساوية بسبب عجز القيادة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاههم، رغم أن التعليم يُعتبر أحد القطاعات الحيوية داخل المخيمات.
إضراب المعلمين يقابل بإنفاق غير مفهوم على المؤتمرات
في مفارقة تثير الاستغراب، يتزامن إضراب المعلمين مع عقد مؤتمر “اتحاد العمال الصحراويين” يوم الجمعة 18 أبريل، بمشاركة وفود أجنبية من إفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية. هذا الحدث، الذي تطلب تمويلا كبيرا، أثار غضب صحراويين، الذين انتقدوا تخصيص موارد للمؤتمرات بدلا من حل أزمة المعلمين الذين ينتمون بدورهم لنفس الاتحاد النقابي.
ولم تمر تبعات إضراب المعلمين دون تأثير داخل أجهزة الانفصاليين، حيث أقيل خطري أدوه، المسؤول عن قطاع التعليم، من منصبه بعدما وجه رسالة اعتذار للمعلمين أرجع فيها فشل صرف الرواتب إلى “عوامل قاهرة”. وبعد أسبوع فقط من رسالته، أقدم زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي على عزله من المكتب الدائم للأمانة العامة، وعين عبد القادر طالب عمر، ممثل له في الجزائر، خلفا له في منصب حساس وسط أزمة متفاقمة.
إضراب المعلمين يكشف انهيار التعليم في مخيمات تندوف
ساهم إضراب المعلمين في تسليط الضوء على الانهيار العام الذي يعاني منه قطاع التعليم في المخيمات. فإلى جانب تأخر الرواتب لثلاثة أشهر متتالية، تعاني المدارس من:
نقص حاد في الأدوات المدرسية والكتب
غياب البنية التحتية الأساسية
انعدام المياه والكهرباء
افتقار شروط النظافة والسلامة الصحية
وتعترف “وزارة التعليم” التابعة للجبهة في بياناتها بالعجز المالي، دون أن تقدم أي تصور واضح لتجاوز الأزمة.
كما يتقاطع إضراب المعلمين مع ما كشفت عنه تقارير دولية من اختلالات جسيمة في توزيع المساعدات الموجهة للمخيمات. فحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي لسنة 2022، هناك فجوات كبيرة في تسليم المعونات، حيث يتم التلاعب بالكميات وتحويل جزء منها لأغراض أخرى غير إنسانية. وهذا يفسر كيف أن معلمي تندوف، مثل باقي المحتجزين، لا يستفيدون فعليًا من الدعم الدولي.
إضراب المعلمين يحرك الشارع
لم يعد إضراب المعلمين حراكا نقابيا محدودا، بل تحول إلى شرارة لاحتقان شعبي متزايد. فقد شهدت المخيمات عدة وقفات احتجاجية، شارك فيها المعلمون وأفراد من الأمن، الذين لم يتلقوا رواتبهم هم أيضا. هذا التضامن غير المسبوق بين فئات المخيمات يعكس هشاشة الوضع الداخلي لجبهة البوليساريو، وخطورة تفاقم الأزمة المالية والاجتماعية.
ومن المؤكد أن إضراب المعلمين في تندوف لم يعد مجرد أزمة رواتب، بل أصبح مرآة تعكس فشل قيادة البوليساريو في تسيير الشؤون اليومية لسكان المخيمات. وفي ظل غياب حلول عملية، واستمرار الصراعات الداخلية، يواجه آلاف الأطفال خطر التسرب المدرسي والجهل.
وعليه، تزداد الدعوات إلى:
فتح تحقيقات دولية في مصير المساعدات
الضغط على قيادة البوليساريو لتسوية وضع المعلمين
ضمان حقوق العاملين في جميع القطاعات، وخاصة التعليم
لقد أصبح إضراب المعلمين جرس إنذار للمجتمع الدولي حول الكارثة الإنسانية الصامتة التي تعيشها تندوف.