الحكم الذاتي

مايكل والتز في الأمم المتحدة… دعم دبلوماسي مغربي مرتقب؟

في خطوة سياسية أثارت اهتمام المراقبين، أعلن الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الأبرز للانتخابات الرئاسية، دونالد ترامب، عن قراره ترشيح مايكل والتز لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى منظمة الأمم المتحدة. الإعلان جاء في الأول من ماي 2025، ليضع اسم السياسي والعسكري الجمهوري المخضرم في صلب دائرة التأثير الدولي، في وقت تشهد فيه ملفات النزاع الإقليمي، خصوصا قضية الصحراء المغربية، تحولات حساسة.

من هو مايكل والتز؟ الخلفية العسكرية والسياسية تؤهله لدور محوري

قرار ترامب بترشيح مايكل والتز لهذا المنصب الحيوي يأتي بعد تقارير إعلامية تحدثت عن إقصائه من منصب مستشار الأمن القومي، وتعيين وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو بشكل مؤقت خلفا له في المنصب الأمني الرفيع، إلى جانب مهامه الوزارية. رغم ذلك، فإن الخطوة توحي بإعادة توجيه شخصية بحجم والتز إلى مسرح الأمم المتحدة، ما قد يترجم إلى تعزيز مواقف الولايات المتحدة في بعض الملفات الحساسة، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.

لا يمكن فهم دلالات ترشيح مايكل والتز دون استحضار مسيرته المركبة. الرجل من مواليد 1974، ويعد أحد أبرز ممثلي التيار المحافظ في الحزب الجمهوري. خدم كضابط في القوات الخاصة الأمريكية، تحديدا في وحدة “القبعات الخضراء”، وشارك في عمليات معقدة بعدد من بؤر التوتر في الشرق الأوسط وآسيا، أبرزها أفغانستان. ومن ميادين القتال انتقل إلى مراكز القرار، حيث شغل سابقًا منصب مستشار لمكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس جورج بوش الابن.

وبعد تقاعده من الجيش، أسس شركة متخصصة في الأمن والدفاع، ثم دخل الحياة السياسية من باب الانتخابات النيابية سنة 2018، حيث مثل ولاية فلوريدا في مجلس النواب. بصماته كانت واضحة في لجان العلاقات الخارجية والدفاع، كما اشتهر بمواقفه الصلبة من الصين وإيران، وهو ما زاد من شعبيته في أوساط المحافظين.

الرباط وواشنطن: زيارة بوريطة والرسائل الواضحة من والتز

من أبرز المؤشرات التي تفسر أهمية ترشيح مايكل والتز بالنسبة للمغرب، اللقاء الذي جمعه في أبريل 2025 مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في العاصمة واشنطن. الاجتماع جاء في سياق تنامي التعاون الاستراتيجي بين الرباط وواشنطن، وأكد فيه المسؤول الأميركي السابق دعمه القوي لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل نهائي لقضية الصحراء.

ونقلت مصادر دبلوماسية أن والتز شدد خلال اللقاء على أن “الحكم الذاتي هو الحل الواقعي والجاد الوحيد”، وهي الصيغة التي تتبناها الإدارة الأميركية منذ إدارة ترامب الأولى وتكررت في مواقف عدد من المسؤولين الجمهوريين، بمن فيهم ماركو روبيو، الذي يُعد هو الآخر من أبرز الداعمين للمغرب في الكونغرس.

كيف يمكن لترشيح مايكل والتز التأثير في مسار ملف الصحراء؟

ترشيح مايكل والتز لمنصب سفير واشنطن في الأمم المتحدة قد يغير موازين التفاعل الدبلوماسي مع ملف الصحراء المغربية داخل أروقة مجلس الأمن. فالرجل يمتلك رصيدًا عسكريًا ودبلوماسيًا يمنحه قدرة على قراءة تعقيدات النزاع، فضلًا عن توجهه المحافظ المتناغم مع الرؤية المغربية.

في حال تمت المصادقة على تعيينه، يمكن لوالتز:

  • الضغط باتجاه إعادة تقييم مهمة “المينورسو” التي يعتبرها كثيرون غير فعالة.
  • دعم قرارات أكثر وضوحًا لصالح مقترح الحكم الذاتي المغربي.
  • كبح تحركات خصوم المغرب داخل الأمم المتحدة، خصوصًا من بعض الدول الداعمة لجبهة البوليساريو.

مواجهة محتملة مع خصوم المغرب في الأمم المتحدة

ليس من المستبعد أن تتحول الساحة الأممية إلى منصة لمواجهة دبلوماسية بين مايكل والتز وبعض ممثلي الدول المتحفظة على سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. فالرجل معروف بمواقفه الحادة، وقد لا يتردد في التصدي لمناورات دبلوماسية تقودها الجزائر أو داعموها في إفريقيا وأمريكا اللاتيني، كما قال المعارض الجزائري وليد كبير على منصة “إكس”.

وبحسب تحليلات أميركية، فإن إدارة ترامب قد تتخذ من تعيين والتز أداةً لتعزيز الضغط داخل مجلس الأمن نحو تبني موقف أكثر صرامة تجاه مقترحات غير واقعية كتنظيم استفتاء، والذي بات موضوعًا متجاوزًا في أدبيات الأمم المتحدة ذاتها.

ترامب يعيد تشكيل الحلفاء… والمغرب أحد المستفيدين

تندرج خطوة ترامب بترشيح مايكل والتز في سياق إعادة ترتيب تحالفاته التقليدية مع أنظمة ودول يعتبرها حليفة استراتيجيا، والمغرب يندرج ضمن هذه الفئة. فالرئيس الأميركي السابق لطالما اعتبر الرباط شريكًا محوريًا في قضايا الأمن، ومكافحة الإرهاب، والتوازن الإقليمي في شمال إفريقيا.

وفي ظل عودة ترامب المرتقبة للبيت الأبيض، يسعى لإعادة شخصيات وفية لخطه السياسي إلى مواقع التأثير، لتكون الولايات المتحدة أكثر انسجاما مع رؤيته للعلاقات الدولية، وهي رؤية تميل إلى الواقعية، وتفضّل التحالفات مع الدول المستقرة سياسيا والفاعلة اقتصاديا.

رهان مغربي على مايكل والتز لتعزيز موقف الرباط الأممي

في المحصلة، فإن ترشيح مايكل والتز من قبل ترامب ليس مجرد إجراء إداري أو تعيين روتيني، بل يمثل فرصة حقيقية للمغرب لتعزيز مكاسبه في ملف الصحراء على الساحة الدولية. فالتقاطع بين تجربة والتز الأمنية ومواقفه السياسية، إضافة إلى التوجه العام للإدارة الجمهورية نحو دعم الحلفاء، قد يُترجم إلى تحول نوعي داخل مجلس الأمن في المستقبل القريب.

والأكيد أن الرباط ستتابع هذا الملف عن كثب، خصوصا أن تعيين والتز قد يشكل ورقة ضغط في وقت تحتاج فيه القضية الوطنية إلى دبلوماسية نشطة وذكية داخل منظمة الأمم المتحدة، بعد سنوات من الجمود النسبي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى