
الإمارات ترد بقوة: الجزائر لم تكن يوما دولة
في تصعيد غير مسبوق، اختارت الإمارات العربية المتحدة أن تخرج عن صمتها وتوجه ردا قويا على سلسلة من الهجمات الإعلامية الجزائرية الرسمية. والتي بلغت ذروتها في وصفها بـ”الدولة المصطنعة” عبر التلفزيون العمومي الجزائري في 2 ماي 2025. وقد جاء الرد الإماراتي هذه المرة من خلال افتتاحية نارية نشرتها صحيفة “البيان”، إحدى أبرز المنابر الصحفية الرسمية في أبوظبي.
افتتاحية نارية في الإمارات تكشف الخلفيات التاريخية للهجوم الجزائري
بأسلوب لاذع وغير معتاد، أكدت صحيفة “البيان” أن الجزائر لم تتقبل إلى اليوم قرار الإمارات السيادي بفتح قنصلية لها في مدينة العيون المغربية، معتبرة أن هذا القرار التاريخي يعكس “دعما أخويا صادقا واعترافا بسيادة مغربية موصولة بالتاريخ والجغرافيا”، كما ورد في نص الافتتاحية. هذا الموقف الذي تبنته أبوظبي في نوفمبر 2020، أثار حينها حفيظة النظام الجزائري، وأعاد خلط أوراقه الإقليمية.
ووصفت الصحيفة الإعلام الجزائري بأنه يعيش حالة “تشنج دائم”، وأن الإمارات أصبحت شماعة لفشل النظام السياسي في الجزائر، الذي اختار أن يصرف الأنظار عن أزماته الداخلية بإحياء صراعات إقليمية وهمية. وردت على الإهانة الموجهة للإمارات، قائلة: “لم تكن الجزائر يوما دولة قائمة بذاتها، بل كانت أرضا مستباحة تعاقب عليها المغاربة، والإسبان، والعثمانيون، ثم الفرنسيون، الذين لم يغادروها إلا باستفتاء صنع كيانا سياسيا اسمه الجزائر سنة 1962”.
الإمارات ترد على الجزائر وتتهمها بزرع الفوضى بالمنطقة
في واحدة من أقوى الفقرات التي وردت في افتتاحية الصحيفة الإماراتية، اتهمت الجزائر بشكل صريح بأنها الداعم الأول للفوضى في المنطقة، من خلال احتضانها للحركات الانفصالية والميليشيات المسلحة، وخوضها صراعات مع دول الجوار بشكل ممنهج.
الافتتاحية لم تكتف باتهام الجزائر بإيواء الحركات الانفصالية فقط، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين وصفت خطابها السياسي بأنه “عدواني، لا يصدر عن حكمة ولا عن تبصر”. واعتبرت أن الجزائر “تتصرف كأنها واحة سلام”، في حين أنها تتدخل في ملفات ليبيا ومالي والنيجر والمغرب، بل وتسعى لإشعال النيران في أكثر من جبهة إقليمية.
تبون في مرمى رد الإمارات
لم تنس الصحيفة أن ترد على تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اتهم الإمارات بأنها تمول النزاعات في مالي وليبيا والسودان. وردت عليه بتذكير الجزائريين أن المغرب، وليس الجزائر، كان أول من اعترف بالإمارات عند تأسيسها سنة 1971، في الوقت الذي كانت فيه الجزائر غارقة في صراعات السلطة الداخلية بين الكابرانات والمجاهدين.
وجاء في نص الافتتاحية: “كان المغرب سندا حقيقيا لنا، حين كنتم تتصارعون على السلطة وتغرقون في التصفية وليس التضامن. فأين كانت الجزائر يومها؟”.
خلفية الهجوم الجزائري.. مقابلة أم سياسة رسمية؟
الرد الإماراتي جاء بعد بث قناة إماراتية مقابلة مع المؤرخ الجزائري محمد أمين بلغيت، اعتبرتها الجزائر “هجوما خطيرا على المبادئ العريقة للشعب الجزائري”. لكن صحيفة البيان أكدت أن ما أثار الجزائر لم يكن مجرد مقابلة، بل ما وصفته بـ”حقيقة جلية يرفض النظام الجزائري الاعتراف بها”.
وبذلك، يكون عنوان “الإمارات ترد على الجزائر” قد تحول من مجرد تعليق سياسي إلى عنوان كبير في سياق التوترات الإقليمية، ليجسد لحظة دبلوماسية حاسمة، تتحدى الخطاب المزدوج للجزائر، وتعيد رسم معالم التحالفات العربية وفق مواقف سيادية لا تقبل الابتزاز.