الحكم الذاتي

الكونغو الديمقراطية تتحدى جنوب إفريقيا لدعم المغرب

في خطوة جديدة تؤكد صلابة المواقف السياسية لعدد من دول القارة الإفريقية، الكونغو الديمقراطية تتحدى جنوب إفريقيا بإعلانها الرسمي عدم الالتزام بمذكرة التفاهم التي وقعتها مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية (SADC) معالبوليساريو. المذكرة التي وقعت في 2 أبريل، لم تلق ترحيبا في كينشاسا، حيث اعتبرت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية أنها غير ملزمة قانونيا، وأكدت على سيادتها في اتخاذ قراراتها وفق ما تراه ملائماً لمصالحها الوطنية والإقليمية.

تحالف استراتيجي بين الكونغو الديمقراطية والمغرب يتحدى الهيمنة الإقليمية

هذا الموقف جاء ليعزز الشراكة المتينة التي تربط المغرب بالكونغو الديمقراطية، ويؤكد استمرار التعاون بين البلدين، خصوصا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، التي تحظى بدعم واسع من كينشاسا، كما عبرت عن ذلك الخارجية الكونغولية من خلال تجديد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب على الأمم المتحدة، واصفة إياها بـ”الحل الأكثر واقعية وعملية لإنهاء النزاع”.

الكونغو الديمقراطية تتحدى جنوب إفريقيا رغم الدعم العسكري

اللافت في هذا المشهد السياسي أن الكونغو الديمقراطية تتحدى جنوب إفريقيا رغم العلاقات العسكرية القوية بين البلدين، حيث كانت بريتوريا قد أرسلت ما بين 700 و800 جندي إلى الأراضي الكونغولية للمساعدة في مواجهة تمرد حركة M23 المسلحة، المدعومة من رواندا. ورغم هذا التعاون العسكري، لم تتردد الكونغو في التعبير عن موقف سياسي مستقل يخالف توجهات جنوب إفريقيا الداعمة لجبهة البوليساريو.

هذا الاستقلال في الموقف السياسي يوضح كيف بدأت بعض الدول الإفريقية في إعادة النظر في تحالفاتها الإقليمية، واعتماد نهج أكثر واقعية وارتباطا بالمصالح الوطنية بدلا من التبعية الأيديولوجية. فدعم المغرب في ملف الصحراء لم يعد محصورا في دول شمال القارة، بل بات يمتد جنوبا وغربا، كما يتضح من توسع شبكة القنصليات في الداخلة والعيون.

توسع دبلوماسي مغربي في قلب إفريقيا

منذ ديسمبر 2020، افتتحت جمهورية الكونغو الديمقراطية قنصلية عامة في مدينة الداخلة، وهو ما مثل خطوة رمزية ودبلوماسية مهمة تعكس دعما واضحا للوحدة الترابية للمغرب. تلاها افتتاح قنصليات من دول تنتمي إلى نفس المجموعة الإقليمية (SADC)، مثل زامبيا، إسواتيني، ملاوي، وجزر القمر. هذا الانتشار الدبلوماسي لم يكن ليتم لولا تنامي القناعة بجدية المقترح المغربي وإدراك أهمية تعزيز العلاقات مع الرباط، باعتبارها شريكًا اقتصاديًا وأمنيًا موثوقًا في القارة.

إلى جانب أن الكونغو الديمقراطية تتحدى جنوب إفريقيا في موقفها، عبرت كل من ملاوي، وزامبيا، وإسواتيني، واتحاد جزر القمر، عن عدم رضاها عن الاتفاق الموقع مع البوليساريو. وهذا يعكس انقساما داخل المجموعة، التي أصبحت تواجه تحديات في الحفاظ على وحدة موقفها السياسي، خاصة في ظل التناقضات بين من يسعون لتعزيز التعاون مع المغرب، ومن يتمسكون بمواقف قديمة لا تخدم مصالحهم الاستراتيجية الحالية.

السيادة أولا… الكونغو تعيد رسم أولوياتها الدبلوماسية

ما بات واضحا اليوم هو أن جمهورية الكونغو الديمقراطية لم تعد تتحرك وفق إملاءات قوى كبرى داخل القارة. فرغم التحديات الأمنية شرق البلاد، ومع تلقيها دعما عسكريا من جنوب إفريقيا، فإنها تفضل تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع دول تقدر احترام السيادة الوطنية وتقدم رؤى تنموية ملموسة، مثل المغرب. ولهذا، فإن تعبير الكونغو عن سيادتها الكاملة في ما يخص الاتفاق مع البوليساريو لا يمكن اعتباره قرارا معزولا، بل يأتي ضمن رؤية استراتيجية بدأت كينشاسا في تبنيها مؤخرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى