
حلف الناتو يشيد بالتجربة المغربية
برز المغرب في السنوات الأخيرة كشريك استراتيجي لحلف شمال الأطلسي ( حلف الناتو)، مقدما نموذجا فريدا في التعاون الأمني والعسكري بين الحلف ودولة من جنوب المتوسط. في الوقت الذي يثير فيه هذا التقارب اهتمام المراقبين، تسعى دول عربية أخرى إلى استلهام تجربة المغرب مع الناتو، في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة بالمنطقة.
شراكة المغرب مع الناتو: من التعاون الكلاسيكي إلى التنسيق الاستراتيجي
لم يكن التعاون المغربي مع الناتو وليد اللحظة، بل تطور تدريجيا منذ سنوات التسعينات، ليتحول إلى نموذج متقدم في إطار “الحوار المتوسطي” الذي يضم سبع دول من جنوب المتوسط. المغرب، العضو الأبرز في هذا الإطار، تجاوز التعاون التقليدي إلى تنسيق يشمل مجالات حيوية مثل مكافحة الإرهاب، تبادل المعلومات الاستخباراتية، التدريب العسكري المشترك، والأمن السيبراني.
وقد ساعد الموقع الجيوستراتيجي للمملكة، المطلّ على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، في تعزيز هذا الدور، خاصة في ظل التوترات التي تعرفها منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
تجربة المغرب مع الناتو تلهم حلفاء الحلف الجدد
وفق تصريحات رسمية من الحلف، فإن تجربة المغرب مع الناتو تُعتبر من بين أكثر التجارب العربية استقرارا وفعالية. الدول الحليفة الجديدة، وخصوصا تلك الواقعة في مناطق نزاع أو ذات هياكل أمنية هشة، تنظر إلى هذا التعاون كنموذج يحتذى به.
وقد عبرت عدة وفود عسكرية وسياسية من دول مثل تونس، الأردن، وموريتانيا عن اهتمامها بتفاصيل التنسيق المغربي الأطلسي، خصوصا في ما يتعلق ببرامج التدريب وتبادل الخبرات في مكافحة الشبكات الإرهابية والتهديدات العابرة للحدود.
الأمن الإقليمي ودور المغرب كنقطة ارتكاز أطلسية
التقارير الصادرة عن حلف الناتو تؤكد أن المغرب يشكل أحد المراكز المحورية في الاستراتيجية الأمنية للحلف بجنوب المتوسط. فإلى جانب كونه بوابة إلى إفريقيا، فإن المغرب يحتفظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، العضو القائد في الحلف، مما يعزز مكانته كشريك موثوق ومؤثر.
كما شارك المغرب في العديد من التمارين العسكرية المشتركة التي نظمها الحلف، مثل مناورات “Phoenix Express” و”Sea Guardian”، والتي تهدف إلى رفع مستوى التنسيق البحري والأمني في حوض المتوسط.
تجربة المغرب مع الناتو: دروس في الاستباقية والدبلوماسية الدفاعية
نجاح تجربة المغرب مع الناتو لا يعود فقط إلى الجوانب التقنية أو العسكرية، بل أيضاً إلى ما يُرف بـ”الدبلوماسية الدفاعية” التي تتبعها الرباط. فالمملكة لا تكتفي بدور المتلقي، بل تُبادر باقتراحات وأفكار استراتيجية تجعل منها شريكاً فعّالاً، لا مجرد حليف هامشي.
هذا النوع من الانخراط يعكس رؤية بعيدة المدى في السياسة الخارجية المغربية، التي توازن بين التحالفات الدولية وحماية السيادة الوطنية، مع الحرص على عدم الدخول في نزاعات أو محاور تتناقض مع مصالحها الإقليمية.
هل تكرر دول عربية تجربة المغرب مع الناتو؟
مع اشتداد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يبدو أن عددا متزايدا من الدول العربية يفكر جديا في الانخراط ضمن شراكات أمنية متعددة الأطراف. إلا أن ما يميز تجربة المغرب مع الناتو هو كونها بنيت على أساس الاستقرار الداخلي، وتراكم الخبرات، وثقة متبادلة مع المؤسسات الغربية، ما يجعل تكرارها أمرا غير سهل في دول لا تزال تعاني من هشاشة مؤسساتها الأمنية والسياسية.