كابرانات الجزائر

الجزائر وفرنسا… إلغاء إعفاء التأشيرة وأزمة دبلوماسية جديدة

أدى إلغاء إعفاء التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من قبل السلطات الفرنسية إلى اندلاع أزمة دبلوماسية جديدة. تضاف إلى سجل متراكم من التوترات بين باريس والجزائر.

هذا القرار الفرنسي فُسر على أنه خرق مباشر لاتفاق التعاون القنصلي الموقع عام 2013، والذي ظل ساري المفعول لسنوات، ويضمن تسهيلات دبلوماسية متبادلة بين البلدين.

الجزائر ترد بإجراءات مماثلة وفق مبدأ “المعاملة بالمثل”

في بيان شديد اللهجة، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أنها ستطبق مبدأ المعاملة بالمثل بشكل صارم، معتبرة أن فرنسا اتخذت قرارها بشكل أحادي دون أي إخطار رسمي مسبق. كما تنص عليه الأعراف الدبلوماسية. وقالت الجزائر إن هذا القرار الفرنسي يعني عمليا “تعليقا فعليا” للاتفاق، دون المرور بالإجراءات القانونية التي تضمن احترام الشراكات الدولية.

وأكدت الوزارة أنها لم تتلق أي إشعار رسمي عبر القنوات الدبلوماسية المعتمدة. وهو ما اعتبرته “إجراء غير مسبوق ينم عن تجاهل للقواعد المتعارف عليها بين الدول ذات السيادة”. كما أفاد القائم بالأعمال الفرنسي في الجزائر، الذي يتولى مهام السفير مؤقتا، بأنه لم يتلق أي تعليمات رسمية من الخارجية الفرنسية بشأن هذه المسألة، مما يعمق الغموض حول حقيقة القرار الفرنسي وأهدافه السياسية.

طرد متبادل وتصعيد سياسي غير مسبوق

التوتر لم يتوقف عند حدود التأشيرة، فقد سبق وأن قامت الجزائر في منتصف أبريل بطرد 12 موظفا فرنسيا تابعين لوزارة الداخلية. واعتبرتهم “أشخاصا غير مرغوب فيهم”. وتم منحهم مهلة لا تتجاوز 48 ساعة لمغادرة الأراضي الجزائرية. جاء هذا الإجراء بعد حادثة اعتقال موظف قنصلي جزائري في فرنسا، ما اعتبرته الجزائر مساساً بسيادتها وخرقاً للأعراف الدبلوماسية.

الرد الفرنسي لم يتأخر، إذ أعلنت باريس عن طرد 12 موظفا دبلوماسيا جزائريا يعملون في سفارتها. قبل أن تتبع ذلك الجزائر بخطوة مضادة تمثلت في إبعاد موظفين آخرين من السفارة والممثليات الفرنسية، معللة ذلك بأن تعيينهم تم خارج الأطر المتفق عليها.

مذكرة أمنية فرنسية لتشديد الرقابة على الدبلوماسيين الجزائريين

وفي سياق موازٍ، كشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن مذكرة صادرة من المديرية العامة للشرطة الفرنسية. تطلب من شرطة الحدود منع دخول أي جزائري يحمل جواز سفر دبلوماسي لا يحمل تأشيرة سارية. كما تشمل التعليمات ترحيل أي دبلوماسي جزائري يدخل دون استيفاء الشروط الجديدة، وهو إجراء غير مسبوق في العلاقات بين بلدين يرتبطان بتاريخ استعماري ومصالح اقتصادية وإنسانية عميقة.

ويرى مراقبون أن ما يجري بين الجزائر وفرنسا لا يتعلق فقط بإلغاء إعفاء التأشيرة، بل يعكس أزمة أعمق تشمل ملفات الهجرة، والذاكرة الاستعمارية، والوجود الفرنسي في إفريقيا. إلى جانب تصاعد الحساسيات المرتبطة بالتدخلات السياسية والاقتصادية.

في ختام بيانها، حملت الجزائر الطرف الفرنسي “المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق”، ورفضت الاتهامات التي ساقتها باريس بشأن “إخلال الجزائر بالتزاماتها”، معتبرة إياها ادعاءات غير مؤسسة ولا تستند لأي وقائع قانونية واضحة.

وتبقى الأزمة مفتوحة على مزيد من التصعيد في حال عدم العودة إلى الحوار المؤسسي، مما قد ينعكس سلبا على مصالح الجالية الجزائرية في فرنسا، وكذلك على التعاون الثنائي في ملفات الأمن والطاقة والهجرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى