
خريطة المغرب: تعديل مساحة المغرب على المواقع الفرنسية
في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة، خاصة أنها تهم خريطة المغرب، قامت فرنسا بإجراء تحديث غير مسبوق على بياناتها الرسمية المتعلقة بالمغرب.
وعدلت فرنسا مساحة المملكة المغربية على موقعها الرسمي لتصل إلى 710,850 كيلومترا مربعا، عوضا عن 446,550 كيلومترا مربعا، وهو ما يعكس بوضوح اعترافا فرنسيا فعليا بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الصحراوية الجنوبية.
خريطة المغرب كاملة: تحول في موقف باريس
ولم يكن تعديل خريطة المغرب الجغرافية معزولا عن السياق الدبلوماسي العام، بل جاء ليترجم قرارات سياسية اتخذتها باريس في الأشهر الأخيرة، خصوصا بعد الرسالة الرسمية التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بتاريخ 30 يوليو 2024، والتي اعتبرت خطوة نحو طيّ صفحة التوترات السابقة بين البلدين.
الرسالة، التي وصفت في الإعلام الفرنسي والمغربي بـ”التاريخية”، كانت بمثابة الضوء الأخضر لإطلاق دينامية جديدة بين الرباط وباريس، تؤسس لتعاون متعدد المستويات في القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، وترسّخ مبدأ الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدتها الترابية.
من الخرائط إلى الواقع: تحركات على الأرض
اللافت أن هذا تعديل خريطة المغرب لم يكن مجرد خطوة إدارية في الخفاء، بل جاء مرفوقا بإجراءات ملموسة على أرض الواقع، تعكس إرادة فرنسية جادة في دعم التنمية بالصحراء المغربية. فقد شهدت مدينة العيون افتتاح مكتب خاص لتلقي طلبات التأشيرات إلى فرنسا، في بادرة تحمل بعدا رمزيا وسياسيا قويا، كونها تعد المرة الأولى التي تفتتح فيها باريس خدمة دبلوماسية من هذا النوع في الأقاليم الجنوبية.
هذا الافتتاح سبقه إعلان استثماري مهم من طرف المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والذي كشف عن ضخ مبلغ 150 مليون يورو في مشاريع تنموية بالصحراء المغربية، مما يبرز نية فرنسا في المساهمة الفعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، بما يعزز من الاستقرار ويخدم المصالح المشتركة.
زيارات رسمية: من باريس إلى العيون والداخلة
ولأن السياسة تترجم أيضا على خريطة المغرب وعلى أرض الواقع، فقد عرفت المدن الصحراوية المغربية، خلال الأشهر الماضية، زيارات رسمية مهمة لعدد من الشخصيات الفرنسية، على رأسها جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، ووزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، التي تحمل بدورها رمزية مزدوجة بوصفها فرنسية من أصول مغاربية.
زيارات المسؤولين الفرنسيين للعيون والداخلة في فبراير الماضي أعطت إشارات قوية على أن فرنسا لم تعد تضع الصحراء المغربية في خانة “المنطقة الرمادية”، بل أصبحت تتعامل معها كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي، سواء على المستوى الإداري أو السياسي أو حتى الاستثماري.
إعادة تموضع فرنسي في شمال إفريقيا
بقراءة أوسع، فإن هذا التحول في الموقف الفرنسي حول خريطة المغرب، يمكن إدراجه ضمن سياق إعادة التموضع الجيوسياسي لفرنسا في شمال إفريقيا. خاصة بعد سنوات من التوترات والتنافس مع قوى إقليمية أخرى، مثل الجزائر وتركيا.
ويبدو أن باريس اختارت الآن أن تراهن على الرباط كشريك موثوق ومستقر، في ظل تحولات عميقة يشهدها الإقليم، من الأمن الطاقي إلى تدفقات الهجرة، مروراً بالملف الليبي وتحديات الساحل والصحراء.
ولم يكن تعديل خريطة المغرب مجرد عملية حسابية على موقع إلكتروني، بل إعلان سياسي ودبلوماسي ضمني عن طي صفحة التردد الفرنسي والاصطفاف بجانب الشرعية الدولية ومبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تلقى دعماً متزايداً في العواصم العالمية.