كابرانات الجزائر

تداعيات غياب تبون والتوتر مع فرنسا

شهدت الساحة السياسية الجزائرية تطورات متسارعة، بسبب التوتر مع فرنسا، وغياب الرئيس عبد المجيد تبون عن القمة الإسلامية في الرياض.

وكلف تبون وزير الخارجية أحمد عطاف بتمثيل البلاد، مما أثار العديد من التساؤلات حول دوافع هذا الغياب، في وقت يشهد فيه العالم العربي تحولا في التحالفات والاستراتيجيات، ما يضع الجزائر تحت المجهر لمراجعة سياساتها الداخلية والخارجية.

تغيب تبون وأبعاده السياسية

لم يكن غياب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن القمة الإسلامية مجرد صدفة، فقد سبق أن شهدت علاقات الجزائر مع بعض الدول الخليجية توترات غير معلنة، واتخاذ القرار بترك مهمة التمثيل الدبلوماسي لعطاف دون حضوره تبون الشخصي، يعكس تحفظا تجاه القمة، بسبب غياب شخصيات بارزة، مثل محمد بن سلمان عن اجتماع سابق، ما يبرز سياسة رد الفعل التي تعتمدها الجزائر.

وفي سياق آخر، تزامنت هذه التحركات مع تقارير تشير إلى ضغوط سياسية متبادلة بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد أنباء عن اجتماعات سرية في قصر المرادية، إذ يشير تحليل الأحداث إلى أن الجزائر حاولت اتخاذ موقف متشدد ضد فرنسا، مثل إيقاف بعض التعاملات المالية مع الشركات الفرنسية، في خطوة وصفت بأنها رد فعل على ضغوط باريس السياسية.

نهاية أحمد عطاف وتغييرات مرتقبة

تتردد شائعات بأن تبون، في محاولة لتهدئة التوترات مع فرنسا، أقال مدير البنك المركزي الجزائري سرا، في رسالة مفادها أن الجزائر مستعدة لإعادة النظر في قراراتها السابقة لإرضاء باريس، وهو الإجراء يؤكد مدى التشابك بين السياسة الداخلية والخارجية الجزائرية ومدى تأثير القوى الكبرى في مسارها.

ومن للافت أن تبون يسعى لتجنب مواجهة مباشرة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمر الذي يضعف من صورته كزعيم قادر على اتخاذ قرارات سيادية دون الخضوع لضغوط خارجية، وهو التوتر يأتي في سياق أوسع يعكس طبيعة العلاقات المتشابكة بين الجزائر وفرنسا، التي وإن بدت أحيانا صراعا مفتوحا، إلا أنها في واقع الأمر تعكس علاقة معقدة لا تنفصل بسهولة عن إرث الماضي الاستعماري.

كما يعكس غياب الرئيس تبون عن قمة الرياض وتركز قراراته الأخيرة على الردود الانفعالية، قلق الجزائر من محاولات إقصائها من التحالفات الإقليمية الجديدة، ما يعيد طرح التساؤل حول قدرة الجزائر على الحفاظ على دورها التقليدي كقائد في المنطقة وسط تحديات متزايدة من دول مثل المغرب التي حققت نجاحات في تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الغرب.

وتبدو الجزائر اليوم في مفترق طرق بين حفاظها على قراراتها المستقلة وبين رضوخها للضغوط الخارجية للحفاظ على استقرارها السياسي، فغياب تبون عن الساحة في بعض المحافل الكبرى والتحركات السرية في المرادية تبرز مدى هشاشة الوضع السياسي الحالي، في وقت تسعى فيه الدول المجاورة لتأكيد حضورها على الساحة الدولية.

كما أن التوتر المتزايد بين الجزائر وفرنسا يعيد فتح باب النقاش حول استقلالية القرار الجزائري ومدى التأثير الأجنبي في سياسات الدولة، وهو ما قد يحمل تداعيات على استقرارها الداخلي وعلاقاتها الخارجية في المستقبل القريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى