الحكم الذاتي

موريتانيا تطرد عناصر من تندوف من منطقة البريكة

في تطور سياسي لافت يعكس تحولات جيوسياسية عميقة في منطقة المغرب العربي. أقدمت موريتانيا على تغيير موقفها من الصحراء المغربية، من خلال خطوة ميدانية قامت بها قوات الجيش الموريتاني. تمثلت في إخلاء منطقة “البريكة” الحدودية من عناصر تابعة لجبهة البوليساريو، يتحدرون من مخيمات تندوف الواقعة في الجنوب الجزائري.

جيش موريتانيا يصدر إنذارا ويطرد عناصر من مخيمات تندوف

في صباح يوم الإثنين 19 ماي 2025، تحركت وحدات من الجيش الموريتاني إلى منطقة “البريكة”، الواقعة على الحدود بين المغرب والجزائر. وأمهلت مجموعة من الأشخاص المنتمين إلى البوليساريو فترة قصيرة لإخلاء المنطقة. معتبرة إياها منطقة عسكرية مغلقة لا يسمح بأي نشاط غير مصرح به داخلها.

وينظر إلى هذا التحرك العسكري، باعتباره أول إجراء عملي يترجم تغيرا في الموقف الموريتاني تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، بعد سنوات من الحياد الظاهري أو الموقف الرمادي الذي اتخذته نواكشوط في تعاملها مع هذا الملف المعقد.

دعم غير معلن للمغرب ورفض للعبث الإقليمي

وتؤكد مصادر محلية أن هذا القرار ليس منعزلا عن سياق دولي وإقليمي يتجه إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية. التي تحظى بقبول متزايد من عدد من الدول الكبرى. ويبدو أن موريتانيا باتت تميل إلى هذا الخيار، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من تصاعد للأنشطة غير الشرعية المرتبطة بجبهة البوليساريو.

إذ تشكل منطقة “البريكة” معبرا غير قانوني لأنشطة التهريب، وخصوصا تهريب المواد المحظورة مثل الإسمنت والزيوت، والتي كانت تصل إلى المخيمات عبر شبكات تتهم بصلتها بالبوليساريو. ويبدو أن موريتانيا قررت وضع حد لهذا العبث الأمني والاقتصادي الذي لا يخدم استقرارها ولا مصالحها الوطنية.

وجاء القرار العسكري الموريتاني أيضا في إطار مواكبة الدولة للتغيرات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة. إذ تشهد العلاقات بين الجزائر والمغرب توترا حادا، في حين تتجه دول الساحل والصحراء إلى إعادة تموضعها الاستراتيجي بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، بعيدا عن تأثيرات الحرب الباردة الإقليمية بين الجزائر والرباط.

ويؤشر هذا التحرك إلى أن موريتانيا أصبحت تميل إلى موقف أكثر وضوحا تجاه وحدة التراب المغربي، خاصة مع توسع العلاقات الثنائية مع الرباط في مجالات الاقتصاد، الطاقة، والتبادل التجاري، ما يجعل من الحياد غير المفيد خياراً أقل واقعية.

نحو مستقبل إقليمي جديد

ويرى محللون أن القرار الموريتاني بإخلاء منطقة “البريكة” يحمل في طياته إشارات دبلوماسية وعسكرية قوية، لا تعني فقط ضبط الحدود، بل إعادة تعريف التموضع الجيوسياسي لنواكشوط في واحدة من أكثر القضايا حساسية في شمال إفريقيا.

وبينما تتزايد الضغوط الدولية لحسم ملف الصحراء المغربية عبر حل سياسي دائم، فإن دعم موريتانيا الضمني للموقف المغربي يعزز الدينامية الجديدة نحو الاعتراف الإقليمي بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ودائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى