
فرنسا تحتج على القائم بالأعمال الجزائري
فرنسا تحتج على القائم بالأعمال الجزائري في خطوة تعكس اشتداد الأزمة الدبلوماسية بين باريس والجزائر، بعد قرار الأخيرة طرد موظفين فرنسيين يعملون على أراضيها في مهام مؤقتة.
هذا الإجراء، الذي اتخذته الجزائر مطلع الأسبوع، دفع وزارة الخارجية الفرنسية إلى التحرك سريعا، حيث استدعت، أمس الثلاثاء، القائم بالأعمال الجزائري للتعبير عن غضبها الرسمي ورفضها القاطع لما اعتبرته “تصرفا غير مبرر وغير مقبول”.
باريس، التي تعتبر القرار الأحادي الجانب بمثابة خرق صريح لاتفاق ثنائي تم توقيعه سنة 2013، ترى في هذه الخطوة تصعيدا لا يساهم سوى في تعميق الهوة بين البلدين. ويخص الاتفاق المذكور تنظيم دخول الموظفين الفرنسيين الرسميين إلى الأراضي الجزائرية لأداء مهام محددة، وغالبا ما يتم ذلك بتنسيق مسبق وموافقة متبادلة.
فرنسا تحتج على القائم بالأعمال الجزائري
لم تتأخر فرنسا في الاحتجاج على القائم بالأعمال الجزائري، بل ردت بإجراءات عملية، إذ أعلن وزير الدولة الفرنسي المكلف بالشؤون الأوروبية، جان-نويل بارو، أن باريس قررت طرد عدد من الدبلوماسيين الجزائريين الذين لا يتوفرون على تأشيرات إقامة صالحة، مؤكدًا أن هذا الرد “فوري، حازم، ومتناسب مع حجم الاستفزاز”.
ورغم أن الوزير الفرنسي لم يكشف عن عدد الأشخاص المشمولين بقرار الترحيل، إلا أن الرسالة كانت واضحة: باريس لن تتسامح مع ما تعتبره تجاوزا للبروتوكولات الدبلوماسية المتعارف عليها. وأكد بارو في تصريحه لقناة BFMTV أن فرنسا تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات إضافية في حال استمرار التصعيد أو تفاقم الأزمة.
الجزائر تلوذ بالصمت الرسمي وسط تسريبات إعلامية
من الجانب الآخر، لم تصدر وزارة الخارجية الجزائرية أي بيان رسمي بشأن دوافع قرار الطرد، مكتفية بتسريب المعلومة عبر وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، التي أشارت إلى أن الموظفين الفرنسيين المطرودين جرى توظيفهم في “ظروف غير نظامية”، ما يوحي بخلاف إداري – قانوني أكثر من كونه خلافًا سياسيًا مباشرًا.
وتشير بعض التحليلات إلى أن هذه الخطوة ربما جاءت كرد فعل غير مباشر على مواقف فرنسية حديثة تمس بالسيادة الجزائرية، خاصة بعد أن اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يوليو 2024، بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وهو ما أثار حنق الجزائر واعتبرته تجاوزا لخطوطها الحمراء.
العلاقات الفرنسية الجزائرية نحو طريق مسدود؟
فرنسا تحتج على القائم بالأعمال الجزائري وسط استمرار القطيعة السياسية، حيث يبدو أن العلاقات الثنائية تعاني من “حالة جمود” منذ عدة أشهر، ولم تنجح محاولات التهدئة أو إعادة الحوار في تغيير هذا المسار.
وكانت الجزائر قد طردت في أبريل الماضي 12 موظفا فرنسيا دفعة واحدة، ما شكل سابقة في العلاقة بين البلدين منذ نهاية الاستعمار الفرنسي. ومنذ ذلك التاريخ، لم تسجل أي لقاءات رفيعة المستوى لإصلاح ما انكسر، بل زاد الأمر تعقيدا مع كل تطور جديد.
باريس تدعو إلى حوار جدي… لكن بشروط
في ختام بيانها الرسمي، دعت وزارة الخارجية الفرنسية السلطات الجزائرية إلى العودة إلى “حوار جدي وبناء”، مؤكدة أن مثل هذه القرارات الأحادية لا تخدم المصالح المشتركة ولا مستقبل الشراكة الثنائية.
فرنسا تحتج على القائم بالأعمال الجزائري، نعم، لكنها تدرك أيضا أن الجزائر تظل شريكا استراتيجيا في ملفات عديدة، أبرزها مكافحة الإرهاب، الهجرة، وأمن منطقة الساحل. ومع ذلك، فإن أي حوار مستقبلي سيحتاج إلى بناء جسور ثقة مفقودة حاليا بين الجانبين، في ظل اشتداد السجال السياسي والدبلوماسي.