الحكم الذاتي

صواريخ أمريكية للمغرب: أجهزة مدمرة في صفقة تسليح تاريخية

في خطوة تعكس متانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، برزت صفقات صواريخ أمريكية للمغرب كعنوان رئيسي لموجة جديدة من التعاون العسكري المتصاعد بين الرباط وواشنطن. فقد شهد شهر مارس الماضي حدثا لافتا في قاعدة سلا الجوية قرب العاصمة المغربية، حيث احتفل كبار المسؤولين العسكريين من كلا البلدين بتسليم أول دفعة من مروحيات “الأباتشي” الهجومية إلى المغرب.

وخلال الحفل، أشاد الجنرال مايك لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، بهذه الخطوة، مؤكدا أن المعدات الجديدة “توفر لسلاح الجو الملكي المغربي قدرة فتاكة تخدم أهدافنا الأمنية المشتركة”. ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تواصل الدعم العسكري الأمريكي عبر إعلان صفقة جديدة لتزويد المغرب بصواريخ مضادة للطائرات من طراز “ستنغر”، وهو ما شكّل تطورًا مهما في ملف صواريخ أمريكية للمغرب.

تفاصيل صفقة الصواريخ الأمريكية للمغرب

أعلنت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية موافقتها على بيع المغرب صفقة صواريخ “FIM-92 Stinger” بقيمة بلغت نحو 825 مليون دولار. وتشمل الصفقة، بالإضافة إلى الصواريخ، خدمات الدعم الهندسي واللوجستي والفني لضمان جاهزية عالية لهذه الأسلحة الحديثة.

وأوضح البيان الرسمي للوكالة أن المغرب طلب هذه الصفقة لتعزيز قدراته الدفاعية الجوية، مع التأكيد على أن هذه الصواريخ ستُستخدم ضمن إطار تحديث القوات المسلحة الملكية دون الإخلال بالتوازن العسكري في المنطقة.

تعد صواريخ “ستنغر” من الأنظمة المحمولة الخفيفة الوزن المصممة لاعتراض الطائرات والمروحيات والطائرات المسيرة. وعلى الرغم من أن مداها لا يتجاوز 8 كيلومترات، إلا أنها تعتمد على نظام توجيه دقيق بالأشعة تحت الحمراء، مما يمنحها قدرة استثنائية على تتبع حرارة محركات الطائرات. وتتميّز هذه الصواريخ بسرعتها التي تفوق ضعفي سرعة الصوت، وخفة وزنها البالغ نحو 15 كغ، مع رأس حربي يزن كيلوغرامًا واحدًا قادرًا على إصابة الأهداف بدقة عالية.

تعزيز للدفاع الجوي وواجهة جديدة للتفوق العسكري

يمثل حصول المغرب على صواريخ أمريكية خطوة متقدمة في تعزيز قدراته الدفاعية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة. ويشار إلى أن المغرب سبق له أن اقتنى منظومات “ستنغر” ضمن صفقة تسليح ضخمة سنة 2019، بلغت قيمتها 4.25 مليار دولار، وشملت معدات عسكرية متنوعة.

وصرح متتبعون أن صفقة صواريخ أمريكية للمغرب لا ترتبط بالضرورة بتغير الإدارات الأمريكية، بل تستند إلى اتفاقيات عسكرية استراتيجية ثابتة. وأضاف: “هناك إرادة واضحة من الولايات المتحدة لضمان تفوق المغرب العسكري الإقليمي، بغض النظر عمن يجلس في البيت الأبيض”.

ترامب وتعميق الشراكة العسكرية مع المغرب

وتعد صفقة الصواريخ الأخيرة أول صفقة كبرى يتم توقيعها خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، بعد أن لعب دورا محوريا في تطوير العلاقات العسكرية بين الرباط وواشنطن. ويذكر أن إدارة ترامب سبق وأن أقرت بيع قنابل ذكية من طراز GBU-39 للمغرب بقيمة 86 مليون دولار، إضافة إلى صفقة صواريخ جو-جو متوسطة المدى قاربت 88 مليون دولار.

لم يكن دعم إدارة ترامب للمغرب مقتصرا على التسلح فحسب، بل شمل أيضا دعما سياسيا لسيادة المملكة على الصحراء المغربية. ففي ديسمبر 2020، اعترف الرئيس ترامب رسميا بسيادة المغرب على الإقليم المتنازع عليه، في قرار تاريخي غير قواعد اللعبة الإقليمية، وأفضى إلى توقيع اتفاق ثلاثي ضم المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة.

الصواريخ الأمريكية للمغرب في ظل التوتر الإقليمي

يأتي تعزيز الترسانة الدفاعية المغربية عبر صواريخ أمريكية للمغرب في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، خاصة مع تصاعد التوترات مع الجزائر. فمنذ إعلان جبهة البوليساريو إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار نهاية عام 2020، ارتفع مستوى التصعيد بشكل ملحوظ.

الجزائر، من جانبها، عززت قدراتها العسكرية بالحصول على طائرات “سو-57” الروسية من الجيل الخامس، وزادت من ميزانيتها الدفاعية إلى نحو 25 مليار دولار لسنة 2025، مقارنة بميزانية المغرب، ما يعكس سباق تسلح إقليمي محموم.

ولا يبدو أن التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن سيتراجع مستقبلا، سواء تحت إدارة ترامب أو من سيخلفه. فبحسب مراقبين، من المنتظر أن تشهد المرحلة المقبلة صفقات تسليحية إضافية، خاصة أن المغرب يعد من الشركاء العسكريين الأساسيين للولايات المتحدة خارج حلف الناتو.

ويعزز هذا التعاون تمرين “الأسد الإفريقي”، أكبر مناورات عسكرية في أفريقيا، التي تستضيفها المملكة سنويا بمشاركة قوات أمريكية وأوروبية وإفريقية، وهو ما يجعل من المغرب قاعدة متقدمة للاستراتيجية الأمنية الأمريكية في المنطقة.

صواريخ أمريكية للمغرب خطوة نحو المستقبل

تُشكل صفقة صواريخ أمريكية للمغرب منعطفا استراتيجيا في مسار الشراكة الدفاعية بين المغرب والولايات المتحدة. فهي ليست مجرد صفقة عسكرية، بل رسالة واضحة عن مستقبل التحالفات الإقليمية في شمال أفريقيا. وبينما تستعد المنطقة لتغيرات كبيرة، يرسّخ المغرب موقعه كحليف موثوق وقوة صاعدة في المجالين العسكري والسياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى