
مشروع المغرب الأطلسي… موريتانيا تؤكد دعمها للمغرب
تتشبث موريتانيا بقوة بـ”مشروع المغرب الأطلسي”، الذي يقوده المغرب برؤية استباقية تهدف إلى جعل المنطقة بوابة بحرية جديدة لربط إفريقيا بالمحيط الأطلسي وبقية العالم.
هذا المشروع الطموح لم يعد مجرد فكرة طوباوية، بل أصبح إطارا واقعيا يفرض نفسه في النقاشات الإقليمية، خصوصا بعد التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في إرساء بنيات تحتية حديثة ومترابطة على طول سواحله الأطلسية.
مشروع المغرب الأطلسي والرؤية الموريتانية
في العاصمة نواكشوط، وخلال المنتدى البرلماني الاقتصادي المغربي-الموريتاني المنعقد في 9 و10 ماي 2025، تم تبني ما يسمى بـ”إعلان نواكشوط”، الذي أبرز مرة أخرى الأهمية الجيوسياسية لـ”مشروع المغرب الأطلسي”. الإعلان سلط الضوء على قدرة البلدين على تحويل موقعهما الجغرافي إلى رافعة استراتيجية كبرى للتنمية والتعاون، عبر إقامة موانئ عميقة ومنشآت بحرية ولوجستيكية تسهل التجارة وتربط بين غرب إفريقيا وأوروبا والأمريكتين.
“مشروع المغرب الأطلسي” لا يُنظر إليه فقط كبنية تحتية، بل كرؤية متكاملة للاندماج القاري، إذ أن قرب البلدين من دول الساحل الإفريقي يجعلهما جسر عبور أساسيا يمكنه أن يعيد رسم الخريطة الاقتصادية للمنطقة. هذا ما أكده أيضا الجانبان في إعلان نواكشوط، حيث عبرا عن ثقتهما في الإمكانات المشتركة لتحويل المغرب وموريتانيا إلى منصات إنتاج وتسويق تخدم القارة الإفريقية من جهة. وتفتح آفاقا واسعة في اتجاه الشمال الأطلسي من جهة أخرى.
الملك محمد السادس ومشروع المغرب الأطلسي
وقد جاءت مبادرة “مشروع المغرب الأطلسي” التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب 6 نونبر 2023، لتجسد هذه الرؤية. المبادرة تهدف بالأساس إلى تمكين الدول غير الساحلية في الساحل الإفريقي من الولوج إلى البحر عبر أراضي المغرب. في خطوة تعد سابقة من نوعها على مستوى التعاون جنوب-جنوب.
وخلال اجتماع عقد في 22 يناير 2024 بالرباط بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الموريتاني. تم التأكيد من جديد على محورية “مشروع المغرب الأطلسي” بالنسبة للبلدين. حيث صرح بوريطة بأن موريتانيا “ليست فقط دولة جارة، بل شريك استراتيجي ومساهم رئيسي في إنجاح المشروع”. مبرزا أن المشاركة الموريتانية ليست رمزية بل عملية وحيوية في رسم ملامح المشروع الأطلسي الجديد، وهو ما تأكد خلال لقاء الملك مع الرئيس الموريتاني.
أهمية الشراكة من أجل الأطلسي
وقد سبق أن شارك المغرب وموريتانيا في شتنبر 2023 في إطلاق مبادرة دولية تحت مسمى “الشراكة من أجل الأطلسي”، والتي قادتها الولايات المتحدة وشاركت فيها 43 دولة من القارات الثلاث: إفريقيا وأوروبا والأمريكتين. وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز البنية البحرية وتطوير الموانئ وتحفيز الاستثمارات في الممرات التجارية الأطلسية.
اليوم، ومع تنامي التحديات الجيوسياسية في المنطقة، يصبح “مشروع المغرب الأطلسي” أكثر من ضرورة استراتيجية. إنه وعد بالتنمية، ووسيلة للتحرر من القيود الجغرافية، ومدخل لتعزيز السيادة الاقتصادية للدول الإفريقية، وهو ما تدركه نواكشوط وتتمسك به كخيار وطني مستقبلي.