أئمة الجزائر في قبضة النظام الجزائري

يواصل النظام الجزائري استغلال أئمة الجزائر لدعمه، حيث أطلقوا تحركات جديدة لمواجهة ما يصفونه بـ”القوى العدائية” التي تستهدف البلاد.
هذا التحرك يتزامن مع تأييدهم لمشروع قانون يهدف إلى تجريم الاستعمار الفرنسي، في خطوة تعكس استراتيجية النظام لاستخدام الخطاب الديني في القضايا السياسية.
أئمة الجزائر ودورهم في دعم الخطاب الرسمي
وتبنت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي تضم أئمة الجزائر، خطابا يتماهى مع الرواية الرسمية للدولة، محذرة من “مؤامرات خارجية” تستهدف الجزائر، مع الإشارة إلى دول مثل المغرب وفرنسا وإسرائيل. هذا الخطاب يأتي في سياق الأزمة الدبلوماسية مع فرنسا، حيث أعرب أئمة الجزائر عن دعمهم لمشروع قانون يسعى لتجريم الاستعمار الفرنسي، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز الشعور الوطني وتوجيه الرأي العام ضد الخصوم الخارجيين.
استغلال الدين في الأجندة السياسية
ويعتمد النظام الجزائري بشكل متزايد على أئمة الجزائر لتعزيز شرعيته السياسية، خاصة في أوقات الأزمات. من خلال وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، يتم توجيه هؤلاء الأئمة لإلقاء خطب تدعو إلى الوحدة الوطنية ودعم مؤسسات الدولة. خلال التوترات مع دول الجوار أو الأزمات الاقتصادية، يركز أئمة الجزائر على التحذير من “الأعداء الخارجيين” وتصوير المعارضة الداخلية على أنها تهديد للاستقرار الوطني.
أئمة الجزائر في الخارج: نشر الخطاب القومي
ولا يقتصر دور أئمة الجزائر على الداخل، بل يمتد إلى الجاليات الجزائرية في الخارج. يتم إرسال أئمة إلى مساجد أوروبية، مثل المسجد الكبير في باريس، لتعزيز الخطاب القومي ومواجهة التيارات المعارضة. هؤلاء الأئمة، الذين يخضعون لإشراف الدولة، يعملون على تعبئة الجالية الجزائرية لدعم سياسات الحكومة، مما يبرز البعد السياسي لهذه التحركات.
وفي بيانهم الأخير، دعا أئمة الجزائر إلى “اليقظة الدائمة” ودعم مؤسسات الدولة لحماية الحدود والأمة. وفي إشارة واضحة إلى المعارضين، وصفوا بعض الأصوات بأنها “مرتبطة بإرث الاستعمار” وتسعى لزعزعة الاستقرار. هذا الخطاب يعكس محاولات النظام لربط المعارضة بالتأثيرات الخارجية، خاصة في ظل استمرار التحديات الداخلية مثل الحراك الشعبي.
ويعود توظيف أئمة الجزائر في القضايا السياسية إلى فترة ما بعد الاستقلال، حيث سعت الدولة إلى توحيد المجتمع تحت راية القومية. مع بروز التيارات الإسلامية في الثمانينيات، كثف النظام دمج الخطاب الديني في استراتيجياته. اليوم، يواجه النظام تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة، مما يجعل أئمة الجزائر أداة فعالة لتعبئة الرأي العام وصرف الانتباه عن المشكلات الداخلية.
انتقادات لتوظيف أئمة الجزائر
ورغم فعالية هذه الاستراتيجية، تواجه استخدام أئمة الجزائر في القضايا السياسية انتقادات حادة. يرى مراقبون أن هذا النهج يضعف استقلالية المؤسسات الدينية ويثير الشكوك حول مصداقيتها. كما أن تصوير المعارضة كتهديد خارجي قد يعيق الحوار السياسي ويفاقم الانقسامات الاجتماعية. علاوة على ذلك، يُستخدم التركيز على “الأعداء الخارجيين” للتغطية على التحديات الداخلية مثل البطالة ونقص الإصلاحات.
ويبرز تحرك أئمة الجزائر في دعم النظام وتجريم الاستعمار الفرنسي العلاقة المعقدة بين الدين والسياسة في الجزائر. بينما يسعى النظام إلى تعزيز شرعيته عبر الخطاب الديني، فإن هذه الاستراتيجية قد تسهم في تعميق الانقسامات وإضعاف الثقة في المؤسسات الدينية. مع استمرار التحديات الإقليمية والاقتصادية، يبقى دور أئمة الجزائر محط جدل حول مدى فعاليته في تحقيق الاستقرار السياسي.