الحكم الذاتي

فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا يكشف عزلة الجزائر

فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا في تحقيق مكاسب دبلوماسية لصالح الطرح الجزائري في ملف الصحراء المغربية يطرح تساؤلات جدية حول فعالية السياسة الخارجية للجزائر. فقد قام الرئيس عبد المجيد تبون، يومي 12 و13 ماي، بزيارة رسمية إلى العاصمة ليوبليانا، في خطوة سعت من خلالها الجزائر إلى كسب دعم أوروبي جديد لموقفها التقليدي في هذا النزاع الممتد منذ عقود.

خلال لقائه برئيسة سلوفينيا ناتاسا بيرك موسار، عبر تبون عن ارتياحه لـ”تفاهم تام” بين البلدين في جميع القضايا، وعلى رأسها الصحراء . وصرح بأن سلوفينيا تؤيد “حلا مقبولا من الطرفين تحت إشراف الأمم المتحدة”، مبرزا أن الجزائر ترفض أي حل خارج نطاق الاستفتاء وحق تقرير المصير .

ملاحظون: فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا يكشف عزلة الجزائر

لكن الواقع لم يكن في صالح الرواية الجزائرية. فقد التزمت الرئيسة السلوفينية الصمت التام تجاه ملف الصحراء المغربية خلال مؤتمرها الصحفي، واكتفت بالحديث عن التعاون الاقتصادي ومشاريع مشتركة في مجالات التكنولوجيا، الطاقة، الأمن، وتربية النحل.

فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا بدا أكثر وضوحا عندما أعاد مراقبون التذكير بأن الحكومة السلوفينية كانت قد صرحت، في أبريل الماضي، بأن المبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي تشكل “أساسا جديا وواقعيا” لحل النزاع، في موقف يتقاطع بوضوح مع الأطروحة المغربية ويدحض تأويلات الجزائر.

اتفاقيات تقنية دون بعد سياسي

رغم ذلك، شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات التي تهم التعاون في مجالات الأمن، النقل البحري، الفضاء لأغراض سلمية، والاتصالات السياسية الثنائية. وتمت هذه الاتفاقات خلال لقاء جمع تبون برئيس الوزراء السلوفيني، روبرت غولوب، حيث تم التوقيع على بروتوكولات ومذكرات تفاهم تُظهر رغبة البلدين في تعزيز العلاقات، لكنها لا تنقذ الجزائر من فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا على مستوى التأثير السياسي.

واعتبرت سلوفينيا أن أهم عنصر في علاقاتها مع الجزائر حاليا هو الغاز، حيث يغطي الغاز الجزائري ما يقارب نصف احتياجاتها السنوية. وتم الإعلان عن عقد لتوريد الغاز الجزائري لعامي 2026 و2027، وهو ما يعطي للزيارة طابعا اقتصاديا صرفا، بعيدا عن أي اعتراف سياسي بمواقف الجزائر في الصحراء.

غياب الجزائر عن احتفال روسيا يثير علامات استفهام

في سياق متصل، لاحظ مراقبون أن فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا تزامن مع غياب لافت للجزائر عن احتفالات روسيا بمناسبة ذكرى الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية يوم 9 ماي، وهي مناسبة حضرها قادة من دول إفريقية قريبة من موسكو مثل مالي، النيجر، بوركينا فاسو، إضافة إلى خليفة حفتر من ليبيا.

غياب الجزائر، التي تعتبر نفسها حليفًا استراتيجيًا لروسيا، يفتح باب التساؤلات حول التحولات التي يعرفها محور الجزائر–موسكو، وربما يشير إلى إرباك في الدبلوماسية الجزائرية التي تعاني من عزلة سياسية متزايدة في الملف، رغم النشاط الخارجي الكثيف للرئيس تبون في الآونة الأخيرة.

هل تتراجع الدبلوماسية الجزائرية أمام دينامية المغرب؟

لا شك أن فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا يسلط الضوء على مأزق السياسة الخارجية الجزائرية، التي لم تعد تجد نفس الصدى الذي كانت تحظى به في السابق لدى الدول الأوروبية. وفي الوقت الذي يُراكم فيه المغرب مكاسب دبلوماسية واضحة، تؤيد مقترحه للحكم الذاتي كحل واقعي وفعال، تجد الجزائر نفسها محصورة في مواقف تقليدية تفتقر إلى الدعم الدولي الفعلي.

خلاصة القول، قد يكون التعاون الاقتصادي مفيدا للجزائر وسلوفينيا، لكن فشل زيارة تبون إلى سلوفينيا في حصد دعم سياسي صريح يعكس تراجعًا استراتيجيًا لا يمكن تجاهله، في وقت أصبح فيه الخطاب الدبلوماسي بحاجة إلى تجديد أدواته بدل الاكتفاء بالعبارات الإنشائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى