كابرانات الجزائر

تورط تبون في إذكاء النزعة الانفصالية داخل فرنسا

في تصرف يعكس بوضوح منطق التدخل في الشؤون الداخلية للغير، يبرز تورط تبون ونظامه العسكري الحاكم في الجزائر من جديد، من خلال دعم غير معلن لحركات انفصالية داخل فرنسا. البلد الذي يشكل بالنسبة للنظام الجزائري عقدة تاريخية وجغرافية وثقافية.

دعوات الانفصال تورط تبون وشنقريحة

لم تكتف السلطات الجزائرية بإثارة الفتنة في محيطها الإقليمي، بل قررت توسيع نفوذها الإعلامي والسياسي عبر قنواتها الرسمية، التي شرعت فجأة في الترويج لانفصال إقليم “بروتاني” الواقع في شمال غرب فرنسا، معتبرة أن الوضع الإداري لهذا الإقليم “احتلال فرنسي”، في تصريح غير مسبوق من نوعه يفضح الخلفيات الحقيقية لهذا النظام.

هذا تورط تبون وأجهزته الإعلامية لم يكن معزولا، بل جاء ضمن حملة ممنهجة بثتها قنوات جزائرية عمومية مثل الجزائر 2 و3 وENTV، تناولت فيها موضوع “الجرائم التاريخية للغرب”، في تحريض مكشوف ضد وحدة الأراضي الفرنسية، واستفزاز مباشر لمشاعر الفرنسيين تجاه وحدة جمهوريتهم.

سياسة الكيل بمكيالين

من جهة أخرى، تظهر هذه الحملة مدى ازدواجية الخطاب الرسمي الجزائري، ففي الوقت الذي يرفض فيه أي حوار داخلي بشأن منطقة القبايل التي تطالب بالاستقلال، يتيح النظام لنفسه الترويج لانفصال جزء من التراب الفرنسي. هذا التناقض يكشف عمق الأزمة السياسية التي يعيشها نظام تبون، والذي يحاول تصدير أزماته إلى الخارج بتغذية نزعات انفصالية لا تمت إليه بصلة.

المفارقة الأكبر أن النظام نفسه يجرم الحديث عن “القبايل”، ويزج بالناشطين في السجون، بينما يتباكى في إعلامه الرسمي على “الشهداء” في بروتاني، متناسياً أن فرنسا كانت هي من رسمت حدود الجزائر الحديثة وألصقت إليها أراضيَ مغربية عنوة خلال فترة الاستعمار. وهنا يظهر بوضوح تورط تبون في العبث بملفات تاريخية حساسة قد ترتد عليه بعواقب دبلوماسية جسيمة.

تورط تبون في ملفات الانفصال

وربما ما يبرر هذا التحول في الخطاب الجزائري تجاه فرنسا هو تصاعد الغضب الفرنسي الشعبي والرسمي تجاه الجزائر، خاصة بعد استطلاع للرأي أجراه معهد CSA أظهر أن 81% من الفرنسيين يطالبون بفرض عقوبات اقتصادية على الجزائر، بسبب رفضها إعادة مواطنيها غير المرغوب فيهم.

هذا تورط تبون لم يعد شأنا داخليا جزائريا، بل أصبح يهدد استقرار العلاقات الدبلوماسية مع دول محورية مثل فرنسا، وقد يدفع باريس إلى إعادة النظر في أرشيف الاستعمار، ما قد يفضي إلى إعادة فتح ملف الحدود المغاربية، وهو ملف حرج ومتفجر.

في المحصلة، يبدو أن النظام الجزائري الحالي، بقيادة تبون، لا يملك رؤية سياسية حقيقية لبناء علاقات متوازنة مع محيطه الأوروبي، بل يصر على تأجيج النزاعات، وخلق معارك وهمية للتغطية على فشله الداخلي، وإيهام الشعب الجزائري بأن “العدو الخارجي” هو سبب جميع أزماته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى