الجزائر ومرتزقة فاغنر: قلق أمني لنظام الكابرانات

عادت قضية الجزائر ومرتزقة فاغنر إلى السطح في الجزائر بعد تصريح الرئيس عبد المجيد تبون، خلال حواره مع صحيفة لوبينيون الفرنسية. إذ أكد أن الجزائر ترفض وجود أي قوات مرتزقة على حدودها.
وفي هذا السياق. أوضح تبون أن الجزائر أبلغت روسيا رسميا بهذا الموقف. مما يعكس القلق المتزايد في البلاد من الجزائر ومرتزقة فاغنر.
فاغنر: توسع النشاط العسكري الروسي وتأثيره على الجزائر
الحديث عن الجزائر ومرتزقة فاغنر يأتي في وقت حساس. لا سيما أن المجموعة العسكرية الروسية تكثف نشاطها في دول الساحل. وفي مقدمتها مالي، التي تشترك مع الجزائر في حدود واسعة. ما يثير تساؤلات حول التهديدات الأمنية على البلاد.
تأسست مجموعة فاغنر في 2014 بالتزامن مع أزمة القرم، ومنذ ذلك الحين توسع نشاطها ليشمل مناطق مختلفة حول العالم.
كانت البداية في أوكرانيا. حيث دعمت الجماعات الانفصالية في دونباس، ومن ثم انتقلت لتصبح أداة نفوذ روسي في عدة دول. بما في ذلك إفريقيا.
الجزائر ومرتزقة فاغنر يتبادلان الاهتمام المتزايد خاصة مع تصاعد النشاط في مالي. لذلك أصبح للوجود الروسي تأثير ملحوظ.
دوافع روسيا للانتشار في منطقة الساحل
في ظل الاضطرابات السياسية التي تشهدها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، استفادت روسيا من هذه الظروف لتعزيز حضورها العسكري في المنطقة.
بالمقابل. أشار تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن فاغنر تقدم الحماية للأنظمة العسكرية. بالإضافة إلى الوصول إلى الموارد الطبيعية، مثل الذهب. مما يسمح لروسيا بتجاوز العقوبات الغربية وتمويل حربها في أوكرانيا.
الجزائر ومرتزقة فاغنر في هذه الحالة يجسدان موقفا متناقضا. لذلك ترفض الجزائر وجود فاغنر. في حين أن روسيا ترى في هذه القوات وسيلة لتعزيز نفوذها في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك. استفادت روسيا من البنية التحتية التي أقامتها فاغنر في ليبيا. لذلك استخدمت القواعد الجوية هناك كطرق رئيسية لنقل المعدات والقوات إلى دول أخرى. خاصة مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
الوجود العسكري الروسي في الساحل
- في مالي: أكدت السلطات في 2022 وجود حوالي 400 جندي روسي. بالمقابل ارتفع هذا العدد تدريجيا ليصل إلى 2000 جندي في 2023، ثم تراجع إلى 1000 عنصر حاليا.
- في بوركينا فاسو: تشير التقديرات إلى وجود ما بين 200 إلى 300 جندي روسي. بما في ذلك أفراد من مديرية المخابرات الروسية وفيلق إفريقيا. بالإضافة إلى جنود فاغنر السابقين.
- في النيجر: بعد الانقلاب العسكري في 2023، انسحبت القوات الأمريكية من قاعدة أغاديس. ليحل مكانها عناصر عسكرية روسية تم نقلها من ليبيا.
الجزائر ومرتزقة فاغنر تمثل معادلة حساسة بالنسبة للجزائر التي تخشى أن يؤدي تزايد هذا الوجود العسكري إلى تهديد أمنها القومي.
انتهاكات فاغنر: أثرها على المدنيين والجزائر
ورصدت منظمات حقوق الإنسان العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها فاغنر والجيش المالي ضد المدنيين. في تقريرها الصادر في مارس 2024، ذكرت هيومن رايتس ووتش أن الطائرات المسيرة التركية التي تستخدمها القوات تساهم في الغارات العشوائية. علاوة على قتل المدنيين والاعتداءات على حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق. فإن الجزائر ومرتزقة فاغنر يشكلان تحديا مزدوجا. لذلك تسعى الجزائر لحماية أمنها من جهة، بينما تتزايد الانتهاكات العسكرية في دول الساحل.
علاوة على ذلك، ذكر تقرير من المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية أن فاغنر لم تحقق نجاحات تُذكر في مكافحة الجماعات الجهادية. بل كان لها دور سلبي في إعادة إشعال الحرب في شمال مالي. مما أدى إلى فشل اتفاق الجزائر للسلام مع الطوارق.
وتخشى من أن تبقى قوات فاغنر غير خاضعة للمراقبة، وتمارس أنشطة عسكرية مجهولة الأهداف.
وبناء على ذلك. يعتبر تبون أن وجود فاغنر على الحدود قد يساهم في تعقيد الوضع الأمني، وهو ما دفع الجزائر إلى تحذير روسيا من التمادي في دعم هذه القوات.