أسباب غياب تبون عن القمم العربية

تعددت التساؤلات، في الآونة الأخيرة، حول الأسباب التي تدفع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى التغيب المتكرر عن القمم العربية والإسلامية.
وأثار غياب تبون عن القمم العربية والإسلامية جدلا بين المراقبين والمحللين السياسيين، ففي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة أحداثا متسارعة وتحديات جسيمة تتطلب حضور الزعماء واتخاذ قرارات حاسمة، بات غياب تبون عن مثل هذه المناسبات يشير إلى وجود أسباب تتجاوز الحدود العادية.
أسباب غياب تبون عن القمم
من بين التفسيرات المحتملة لتهرب تبون من حضور القمم، هو الخوف من الوقوع في مواقف محرجة، نتيجة ضعف التواصل الخطابي أو عدم القدرة على التأثير، إذ أظهرت زياراته الخارجية السابقة، ومشاركاته في المؤتمرات، بأنه قد يواجه صعوبة في إدارة النقاشات أو تقديم مواقف سياسية قوية، ما قد يعرضه لانتقادات واسعة النطاق من الداخل والخارج.
ويرى بعض المحللين أن صناع القرار في الجزائر يفضلون بقاء تبون بعيدا عن هذه المناسبات لتجنب ما يمكن أن ينتج عن مشاركاته من “كوارث” على حد وصف البعض، فعلى سبيل المثال، زيارته إلى مصر وسلطنة عمان شهدت بعض العثرات التي أظهرت قلة التماسك في تصريحاته، مما يعزز فكرة أن غيابه هو تدبير استباقي لتجنب المزيد من الإحراج.
الخطاب الرسمي والمواقف المتناقضة
في غياب الرئيس، غالبا ما يتم إرسال مندوبين أو وزراء لتمثيل الجزائر، كما حدث، أخيرا، عندما قام وزير الخارجية أحمد عطاف بإلقاء كلمة نيابة عن تبون، وهي الخطابات التي تلقى في هذه المناسبات عادة ما تتسم بالعبارات الدبلوماسية المعروفة مثل “الالتزام بالقضية الفلسطينية” و”رفض الاحتلال”، لكن غياب المواقف الفعالة أو الخطط العملية يعكس ضعف التأثير الجزائري في هذه الملفات، إذ ينظر إلى هذه التصريحات أحيانا على أنها مجرد لغة خشب، تفتقر إلى جوهر فعلي لتحقيق التغيير على الأرض.
ورغم أن الجزائر تتحدث عن دعم القضية الفلسطينية ومناهضة الاحتلال الإسرائيلي، فإنها في الوقت نفسه تقيم علاقات مع حلفاء يُتهمون بتقويض هذا الدعم، إذ يثير هذا التناقض في المواقف علامات استفهام كبيرة حول جدية الالتزام الجزائري ومدى تأثيره في الساحة الدولية.
تناقض خطاب الجزائر
وتتفاخر الجزائر بعضويتها الحالية في مجلس الأمن الدولي، ولكن هذه العضوية لم تحقق تقدما ملموسا في القضايا الإقليمية الرئيسية، مثل القضية الفلسطينية، بدلا من استغلال هذه العضوية لتعزيز المواقف الدبلوماسية، تبدو التصريحات الجزائرية وكأنها محاولة لإبراز الوجود فقط دون تحقيق نتائج فعلية.
من جانب آخر، تقود دول مثل السعودية ومصر جهودا حقيقية لتعزيز الاستقرار في المنطقة وتحقيق اختراقات دبلوماسية فعلية، في المقابل، يبقى دور الجزائر هامشيا، بسبب غياب رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة.
ويبقى تهرب الرئيس تبون من المشاركة في القمم العربية والإسلامية محط تساؤل واسع، حيث يعكس هذا الغياب ضعفا في الأداء السياسي وعدم القدرة على التأثير، كما أن استمرار الجزائر في هذا النهج سيؤدي إلى تراجع دورها الإقليمي وفقدان الثقة في قدرتها على المشاركة الفعالة في معالجة قضايا المنطقة.